الخميس، يوليو 30، 2009

تطوان – حفيظ ابوسلامة .:زراعة القنب الهندي بجبال الريف ½

دراسة
زراعة القنب الهندي بجبال الريف ½

تطوان – حفيظ ابوسلامة .

تسلط هذه الدراسة الضوء على ضروف زراعة القنب الهندي بسلسلة جبال الريف ومدى تأثير هذه الزراعة على التربة والمراحل التي تقطعها الزراعة وأثرها على المزارع أو (الفلاح) ومصاريف الإنتاج وهامش الربح والواقع الاقتصادي والنفسي ونظرة المجتمع إلى الفلاح وعلاقته بوسائل الإعلام والسلطة
1- توقيت الزراعة .
يمتد موسم زراعة القنب الهندي من بداية شهر فبراير إلى أواخر شهر ماي وتختلف توقيت الزراعة من منطقة إلى أخرى حسب التضاريس والمناخ.
* فالمناطق الأقل ارتفاعا والهضاب المنبسطة إذا كانت غير مسقية (بعلية) تستهل فيها الزراعة بداية فبراير حتى تستفيد من التساقطات المطرية ونسبة جيدة من الحرارة ( الضوء) ، ويمكن تأخير فضل الزراعة بالمناطق المنبسطة من بداية شهر ابريل حتى أواخر ماي وأوائل يونيو وذلك للاستفادة من عامل (الري) وحرارة الشمس بحيث يكون النمو في هذه الحالة أسرع والمردود أوفر.
* أما بالمناطق الجبلية المرتفعة والتي تفتقر إلى كمية كافية من المياه فان الزراعة تنطلق فيها وجوبا بين شهر مارس وأوائل ماي (مرتفعات كتامة) وأما تلك التي نسبة من (الري) وهي قليلة نسبيا فتتأخر بها الزراعة حتى أواخر ماي (منطقة ازيلال) سفح جبل تدغين .
2 - تأثير القنب الهندي على التربة
يحتاج القنب الهندي إلى تربة خصبة وغنية بالمواد العضوية حتى يكون المردود أوفر ويمكن أن يصل المردود إلى ثلاثة أطنان في الهكتار الواحد ( هذه النسبة غير موجودة في الوقت الراهن) وينخفض المردود سنة بعد أخرى مما يدل على استنزاف القنب الهندي للتربة (يقاس المردود عند المزارع بكمية الشيرا المستخلصة من كل قنطار والقنطار يساوي 100 كلغ من القنب الهندي ) وفي بعض المناطق الحديثة العهد بالقنب الهندي ( قبيلة غزاوة بشفشاون وكرافطة بالعرائش) كان القنطار الواحد ينتج مايزيد عن 5 كلغ من مخدر الشيرا العالية الجودة ، وجل المناطق في بداية عهدها بالزراعة يكون إنتاجها مرتفعا كما وكيفا وقد عرفت مختلف هذه المناطق تراجعا بلغ نسبة 80% مما يدل على أن تربة هذه المناطق عرفت استنزافا من المواد العضوية الشيئ الذي انعكس سلبا على مستوى الإنتاج وأصبح الهكتار الواحد يتنج في أحسن حالاته 1 كلغ من الشيرا مما يساهم بشكل مباشر في فقر الفلاح أو المزارع ، كما أن عدم استخدام تقنية تناوب الزراعة والاستعمال المفرط للأسمدة الاصطناعية يؤثر سلبا على خصوبة الأرض .
3- مراحل إنتاج القنب الهندي وأثرها على الفلاح .
يتطلب إنتاج القنب الهندي حتى يصبح جاهزا للتسويق مابين 5 إلى 8 أشهر فمن عملية قلب الأرض وتهيئها إلى الحرث والحصاد مرورا بتعريض الكيف إلى أشعة الشمس إلى تسويق البضاعة . ويتطلب القنب الهندي عناية فائقة بداء من زراعته التي تخضع يوميا للمراقبة من طرف الفلاح الذي عليه أن يتأكد أن حبات القنب ( الزريعة) انشطرت وخرجت من الأرض وفي حالة العكس عليه أن يعيد الكرة ويزرع للمرة الثانية، ثم تأتي عملية تخفيف النبتة ومحاربة النباتات الطفيلية حتى يكون تتم عملية النمو في وضع جيد الشيئ الذي يجعل الفلاح أو المزارع يستعين بعدد من اليد العاملة وبجميع أفراد العائلة بما فيهم الزوجة من اجل التغلب على هذا المشكل الذي لا يتوقف عند هذا الحد فيبرز إلى السطح من جديد مشكل القنب الهندي الغير الصالح ( الذكر) الذي يتميز لونه بالبياض وعدم توفره على حبات القنب .وطيلة هذه المراحل التي سبقت لا تتوقف عملية الري والبحث عن أي قطرة ماء ممكنة سواء عن طريق الآبار أو الأخاديد أو باستعمال الرشاشات وهذه العملية تسبب العديد من المشاكل والشجار بين الفلاحين حول مصادر المياه . ثم يأتي موسم الحصاد وتختار فيه السنابل الناضجة وبعناية فائقة وتترك الأخرى للنضج، بعدها يعرض المحصود الناضج لأشعة الشمس طيلة اليوم وإدخالها ليلا إلى البيت وهكذا تعاد الكرة طيلة خمسة عشرا يوما ناهيك عن المرض الجلدي الخطير( الحكة) الذي يسببه حمل الكيف يوميا على الظهر أو بين اليدين ، لتأتي عملية التصفيف بشكل أفقي أو مائل . ولا يصبح المنتوج قابلا للتسويق إلا عند بداية فصل الشتاء حيث تحتاج عملية الاستخلاص إلى كمية من الرطوبة وأي بيع للمنتوج قبل هذه الفترة يتميز ببخس السعر ويتسبب في خسارة مادية للفلاح الذي يكون مضطرا لبيع جزء من المحصول لسداد الديون وتلبية الحاجيات الأساسية .
4- مصاريف الإنتاج وهامش الربح عند الفلاح
* مصاريف الإنتاج.
تتفاوت مصاريف إنتاج الكيلوغرام الواحد من القنب الهندي من منطقة إلى أخرى بحسب مصاريف مرحلة الإنتاج ويمكن التمييز فيها بين منطقتين .
- المناطق الجبلية المرتفعة : وتصل مصاريف إنتاج الكيلوغرام الواحد بهذه المناطق إلى 50 درهما وذلك راجع لفقر التربة وقلة المياه مما ينعكس سلبا على مستوى المردودية .
- مناطق الهضاب المنبسطة: تكون مصاريف الإنتاج بهذه المناطق منخفضة نسبيا وتصل تكلفة الكيلوغرام الواحد 35 درهما لكون سعر المنتوج رخيصا في هذه المناطق .
* السعر.
كما تتفاوت المصاريف يتفاوت السعر حسب المردودية ( الكمية المستخلصة من القنطار) غير أن مختلف الدراسات المنجزة من قبل تؤكد انه كلما ارتفعنا عن سطح البحر ارتفع سعر ( الشيرا) المستخلصة من القنب الهندي بحيث أن ( TAC المادة المخدرة) تكون قوية وفعالة كلما ارتفعنا عن سطح البحر ويكون سعر القنب الهندي المتواجد بسفوح الجبال مرتفعا. و يتراوح السعر بين 40 و80 درهما في المناطق الجبلية المرتفعة وقليلا ما يتجاوز هذا الثمن، بينما لا يتجاوز في مناطق الهضاب المنبسطة 30 درهم حتى 70 درهم في وقت الذروة. كل هذه العوامل وغيرها من الظروف التي تسود مناطق الإنتاج تنعكس سلبا على الواقع الاقتصادي والنفسي للفلاح والمزارع.
5 - واقع الفلاح الاقتصادي .
يعيش الفلاح أو مزارع القنب الهندي بمختلف مناطق سلسلة جبال الريف ضروف اقتصادية ومعيشية مزرية تضاف إلى ضيق المساحة المزروعة وضعف التربة والعناء المستمر ورخص سعر البيع والخوف الدائم طيلة السنة من اجل تحقيق محصول قابل للبيع ، فان نسبة كبيرة من الفلاحين والمزارعين يلجئون في كثير من المناطق إلى الاستعانة الوسطاء التجاريين من اجل إتمام مراحل الإنتاج (تفوق 90%من نسبة المدخول ) فما بين 2 او3 من الفلاحين من ساكنة كل دوار ينهون الموسم دون ديون الشيئ الذي ينعكس سلبا على هامش الربح الهزيل أصلا مما يجعل مدخوله بالكاد يكفي لتأمين حاجياته الغذائية الأساسية من زيت وسكر ودقيق من النوع (الأقل جودة) وغالبا ما يستعين الفلاح بالألبسة المستعملة والمهربة والتي تمتلئ وتكتظ بها الأسواق الأسبوعية ( خميس إساكن – أربعاء بني حسان – اثنين متيوة...الخ ) وفي كثي من المناطق يضطر الفلاح إلى القيام بنشاطات موازية لزراعة القنب الهندي كتربية الماعز أو الدجاج أو العمل كأجير في قطاع البناء وغيره من القطاعات الأخرى .
6- واقع الفلاح النفسي .
يشكل الوضع النفسي إلى جانب الواقع الاقتصادي لدى معظم الفلاحين والمزارعين بجبال الريف المعضلة الكبرى والخطيرة والاستثنائية في حياة الفلاح ، فهو يخاف ويهاب كل شيء المجهول والمستقبل والحاضر من حوله .
* الخوف من السلطة .
يكفي أن الفلاح أو المزارع في هذه المناطق لا يستطيع أن يلج الإدارات والمؤسسات العمومية للدولة إلا بعد أن يستقصي ما إن كان مطلوبا لدى السلطة أم لا سواء بتهمة زراعة القنب الهندي أو بيع المحصول لتاجر أو وسيط تم القبض عليه أو اقتلاع الغابة و تهمة الصقت به إلى حين ثبوت برأته...الخ ، والفلاح بهذه المناطق خائف من السفر ودائم الحذر ولا يثق في صديق ولا جار ولا يأمن غريبا ولا قريبا واكبر ما يهابه الفلاح في مناطق الريف أن يذهب للمحكمة للشهادة ولا يعود إلى بيته .
* الخوف من النزاعات الشخصية
يرافق الخوف الفلاح كضله في مختلف مناحي الحياة الخاصة والاجتماعية فالنزاعات الشخصية حول مصادر المياه أو حدود الأرض والشكايات المجهولة التي غالبا ما يقدمها الوسطاء التجاريين والمهربين أثناء القبض عليهم أو مجرد ذكر اسم من الأسماء أثناء التحقيق كما أنا الحسابات الحزبية الضيقة تكون سببا في كثير من المآسي .
* الخوف من النصب والاحتيال .
كثيرة هي قصص وحكايات النصب والاحتيال التي يتعرض لها الفلاحون بهذه المناطق من طرف عصابات التهريب والمافيا والتي لا يستطيع الفلاح أو المزارع أن يبلغ عنها السلطات العمومية أو أن يحرر شكاية بخصوص سرقة أو تعرضه للسطو على محصوله من القنب الهندي .
7- نظرة المجتمع ووسائل الإعلام إلى الفلاح .
شكلت ممارسات بعض الوسطاء والمهربين في مختلف المدن المغربية نظرة مشوهة عن الحياة الحقيقية للفلاح و للمزارع للقنب الهندي بالشمال المغربي ، وهو ما جعل عدد من وسائل الإعلام وخصوصا المكتوبة تنفتح في الآونة الأخيرة على هذه الآفة وسلطت الضوء على حقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للفلاح ، فيما ضل الإعلام السمعي البصري يتعامل مع هذه الآفة باستحياء .

صوت مرتيل خاصة بالاشرطة .