الخميس، يوليو 30، 2009

حرب وزارة الداخلية بالشاون على زارعة الكيف

القوات العمومية تتهيأ لإتلاف المزروع ... والمزارع يتأهب للمواجهة
* شفشاون - حفيظ ابوسلامة

تزدهر مزارع القنب الهندي المخدر في مناطق مدينة الشاون التي تتميز بجمال الطبيعة، ويقول المزارعون إن إنتاج وتسويق الكيف لا يوفر لهم سوى قوتهم اليومي بينما يوفر للمزارعين الكبار والمهربين الأرباح الطائلة حسب قولهم. السلطات المغربية تقوم بحملات منع زراعة الكيف و إتلاف الحقول المزروعة قبل حصادها، كما اعتقلت و تعتقل عدد من الفلاحين والمزارعين ، فيما قدم عدد من أعوان السلطة استقالتهم احتجاجا على إشراكهم في عملية المنع والإتلاف .

10 آلاف مذكرة اعتقال و ترهيب
شنت مختلف دوريات الدرك الملكي التي تجوب قرى ومداشر الجماعة القروية بجبال شفشاون حملت اعتقالات على نطاق واسع في صفوف المزارعين والفلاحين الصغار قصد ترهيبهم لعدم معاودتهم زراعة الكيف ونهجت القوات العمومية أسلوبا اعتقال فرد أو شخص واحد عن كل جماعة من الجماعات 33 التابعة للنفوذ الترابي لعمالة شفشاون وخلفت هذه الإستراتيجية من الاعتقالات حالة من الاحتقان والهلع والخوف في صفوف السكان اللذين يهددون بمسيرة احتجاجية إلى مقر العمالة لإثارة انتباه الرأي العام الوطني إلى حالتهم الاجتماعية الكارثية التي تهدد ليصبحوا منكوبين وبدون موارد أو بدائل جديدة ، وبلغت عدد مذكرات البحث الصادرة في حق مزارعي وفلاحي جبال شفشاون 10 ألاف مذكرة اعتقال التي يستند اغلبها إلى شكايات مجهولة المصدر يستغله البعض لتصفية حسابات البيع والشراء بين المزارعين والتجار الكبار ، كما تحمل بعض المذكرات تهم تتعلق بالتصنيع والتحويل . وفي تصريح ل" صوت مرتيل " لأحد العاطلين بمنطقة " زومي " حاصل على الإجازة في العلوم الكيميائية يقول «نحن لسنا تجار مخدرات،نحن فقط مزارعون فقراء معطلون نشتغل بهذه الزراعة لكي نعيش بعدما أقفلت الدولة في وجهنا جميع منافذ الأمل و قتلت فينا الأحلام والطموح فارتمينا بشكل تلقائي في الاشتغال في هذا الاقتصاد الأسود».
القوات العمومية تتهيأ لإتلاف المزروع ...والمزارع يتأهب للمواجهة
يخوض رجال السلطة من مختلف أصناف القوات العمومية من جيش ودرك وقوات التدخل السريع بجل مناطق شفشاون الجبلية حتى عاصمة الكيف بالمغرب " كتامة " مواجهات مفتوحة مع مزارعي الكيف من اجل التطبيق الفعلي لتعليمات وزارة الداخلية من اجل تقليص مساحات زراعة الكيف واستئصالها وإتلاف الحقول المزروعة في الأماكن التي طالها المنع النهائي ، وتعرف العديد من مناطق الشاون غليان غير مسبوق بين الفلاحين بمختلف الأسواق الأسبوعية حيث تمرر السلطات خطاباتها المباشرة للفلاحين والمزارعين عبر مكبرات الصوت والمنشورات ، وفي الوقت الذي كان فيه عامل شفشاون وعدد من ورؤساء الجماعات التابعة لشفشاون يعقدون خلال مارس المنصرم اجتماعا حول مخطط وزارة الداخلية في محاربة زراعة الكيف بجبال شفشاون كان عدد من الفلاحين يحتجون أمام مقر العمالة على قرار المنع الذي وصفوه بحكم الإعدام على مئات الأسر، يومها قدم عدد من أعوان السلطة بكل من باب برد وباب تازة وبريكشة واسجن استقالتهم احتجاجا على ما أسموه إشراكهم في حرب خاسرة مع أهلهم وذويهم ممن يعتمدون في عيشهم على هذه الزراعة . في هذا السياق يقول احد أعون السلطة في تصريح ل" صوت مرتيل" يقول أن قرارات الوزارة من شأنها أن تؤدي إلى حركة عصيان واسعة في صفوف الفلاحين ". وتعرف مناطق الشاون توافد أعداد كبيرة من رجال القوات العمومية بسبب عدم استساغة عدد من الفلاحين لقرار السلطات المحلية وباشرا عملية الحرث في تحد لجميع المنشورات والإعلانات والدوريات التي زارتهم في البيوت والمساجد والأسواق الأسبوعية ، وشهد عدد من رجال القوات المساعدة في جماعات تتكون من 20 فردا يجولون في عدد من المناطق التي سبق لها وان أعلنت تحدي قرار منع زراعة الكيف بكل من بريكشة واسجن وجماعة واد ملحة وبني احمد الغربية وبني دركول. وقال احد الفلاحين بالمنطقة في تصريح ل" صوت مرتيل" أن حوالي 900 هكتار زرعت فعلا بكل من باب برد وباب تازة ."
محاربة زراعة الكيف ورقة انتخابية رابحة
يتهم العديد من مزارعي الكيف بالشمال بعض المنتخبين باستغلال موقعهم من اجل حماية نفوذهم الانتخابي وهو الأمر الذي حمل احد المسؤولين الحزبيين بمدينة شفشاون على الدعوة إلى المصالحة مع سكان جبال شفشاون ، وفي صلة بالموضوع رفض عدد كبير من ساكنة الجماعات التي تخوض الدولة الحرب على زراعتها الأولى تسلم بطائقهم الوطنية قد التقيد والتنقيح وتصحيح وضعيتهم في اللوائح الانتخابية فيما هدد ساكنة عدد من الدوواوير التي زارتها الجريدة الأولى بمقاطعتهم للانتخابات الجماعية التي تجري في 12 من يونيو المقبل وأضاف السكان أن الحرب على زراعتهم تاخد في طياتها حسابات نتجت عن انتخابات شتنبر 2007 والتي كانت ساكنة هذه المنطقة قد رفضت منح أصواتها لأحد البرلمانيين المعروف بالمنطقة بنفوذه وتدخلاته وحسب مصادر مهتمة بالموضوع فإن عملية محاربة الكيف بجبال شفشاون لا تخضع لإستراتيجية تنموية و مخطط واضح الأهداف وإنما لتعليمات تتحكم فيها اعتبارات انتخابية و نفوذ بعض الأباطرة والأعيان التي تحدد وجهة الحملة و كيفية إدارتها و المناطق المستهدفة. فاعل جمعوي اشتغل في النسيج الجمعوي لرصد انتخابات شتنبر 2007 قال في تصريح لـ « صوت مرتيل » «إن زراعة الكيف بمناطق إقليم شفشاون هو معطى حقيقي و ورقة أساسية استعملت للضغط على مواطنين من طرف بعض المرشحين لنيل أصواتهم مقابل حمايتهم و الدفاع عنهم حتى لا تشملهم عملية المحاربة أو المتابعة القضائية، بل أكثر من ذلك فقد كان دخول بعض أباطرة المخدرات المبحوث عنهم أثناء الحملة الانتخابية شتنبر 2007 لدعم و مساندة بعض المرشحين واضحا مما أثار احتجاج أنصار حزب الاشتراكي الموحد الذي خرج بمسيرة تنديدية و احتجاجية بشوارع مدينة شفشاون أثناء الحملة الانتخابية كما أن بعض المرشحين لم يكونوا يناقشون البرنامج الانتخابي ببعض الدوائر و إنما كانوا يقدمون وعودا للناخبين على أنهم سيحمونهم من المخزن أثناء عملية إتلاف حقول الكيف» واستنتج المصدر المذكور أن ما يقع على أرض الواقع بمنطقة هو «تنفيذ وعود لأحد البرلمانيين المعروف بالمنطقة»

-----------------------------------------------------

في حوار مع الأستاذ الباحث في زراعة المخدرات

عبد المنعم المروني : على الدولة أن تتعامل بمفهوم الموارد الجديدة لا البدائل
حاوره – حفيظ ابوسلامة
1- من المسؤول عن انتشار زراعة القنب الهندي بالشمال ؟
هناك أسباب عديدة لانتشار زراعة القنب الهندي بالشمال، منها الفقر والبؤس والحرمان. فهذه العناصر الثلاثة هي التي دفعت المواطن إلى التعاطي لهذه الزراعة المحظورة، رغم كونه مسبقا يعرف انه يغامر بكرامته وبحريته، فبسبب هذه النبتة أصبح آلاف السكان مبحوثا، عنهم في ملف الزراعة وإنتاج المخدرات منهم من دخل السجن ومنهم من ينتظر دوره. فهذا هو الواقع فلا وضع داخل البيوت غير حالة الاستنفار الدائمة. وإذا تناولنا هذه الظاهرة من جانب الدور الذي لعبته الدولة في هذا الأمر، سنجدها في مرحلة من المراحل، أي في بداية دخول هذه الزراعة للشمال، نهجت أسلوب الصمت تجاه هذا الملف، والصمت لدى الفقهاء يعني الرضا عن الوضع. مما جعل النبتة تنتشر انتشار النار في الهشيم، في السنوات الموالية لدخولها. بشكل عام هذه هي الظروف العامة التي تحكمت في دخول هذه الزراعة للمنطقة، ولما استعصى الأمر وأصبح ملف القنب الهندي واقعا معيشا لدى السكان بكل الأقاليم الشمالية اختارت الدولة لعلاجه آخر الدواء والذي هو(الكي) المتمثل في الاعتماد على المقاربة الأمنية من خلال الحملات السنوية لمحاربة زراعة القنب الهندي.
2- ما رأيكم في البدائل الاقتصادية التي تطرحها الدولة لفائدة مزارعي القنب الهندي بالشمال ؟
أنا أضع خط تحت كلمة البدائل وأقترح استبدالها بالموارد الجديدة
3- كيف ذلك ؟
إن مرحلة الموارد الجديدة هي مرحلة إقلاع حقيقي وتقتضي إشراك مختلف القطاعات الحكومية بدأ بتحليل التربة والمناخ لكل منطقة على حدا ولا بدا من دراسة كل مقترح من جميع جوانبه بما في ذلك عامل التسويق ، ويجب أن تكون هذه الموارد متنوعة وعلى الدولة أن تنظم عملية تكوينية للفلاحين قصد الاعتناء بمواردهم الجديدة وتشجيعهم على تنميتها على أساس التكافل ولا على الاستغلال ، وبالموازاة مع ذلك على الدولة أن تطور المنتوج وتأهله وتوجهه إلى الأسواق الولية إذا توفرت فيه شروط المنافسة ، حينها سيدرك الفلاح ان هامش الربح الذي كان يحصل عليه من زراعة القنب الهندي كان وهما وهناك خمس مراحل أساسية لحل مشكل القنب الهندي بسلسلة جبال الريف .
4- لكن الدولة مند أربعة عقود وهي تبذل مجهودات في هذا الباب من خلال مجموعة من المشاريع التي قامت بها، بدءا بمشروع تشجير الريف الغربي، ومرورا بمشاريع بناء السدود وغيرها ؟
أولا يجب وضع حل توافقي انتقالي يرضي كافة الأطراف ويعود بالنفع على سكان هذه المناطق وينتهي بنا تدريجيا إلى القضاء على هذه الآفة وبرغبة من الفلاح نفسه ، ويتأتى هذا القضاء تدريجيا بالانتقال من مرحلة إلى أخرى بدأ من رفع العزلة النفسية على الفلاح مرورا بتقوية التواصل معه وتهيئ نفسيته وهيكلته والشروع في العمل الجاد والمشترك معه وإذكاء روح المواطنة والتعاون في الفلاح إذاك بالتأكيد سنصل إلى بديل حقيقي للقنب الهندي وسيتخلى الفلاح بطوع إرادته عن هذه الزراعة .

صوت مرتيل خاصة بالاشرطة .